الأربعاء، 19 أغسطس 2009

العلاقات الخليجية –المغاربية:هل هي وهم؟

العلاقات الخليجية –المغاربية:هل هي وهم؟

يبين واقع العلاقات الخليجية-المغاربية عن وضع مؤسف، فإذا كانت مكونات البنية الثقافية والاجتماعية والتاريخية المشتركة تعبر عن تقاطعات مهمة بين الفضائين، فإن المبادلات الاقتصادية والتجارية بينهما تكشف عن حقيقة التباعد الكبير في حجم الاستثمارات البينية.

التواصل اللغوي:هل هو المشكلة؟

تعبر بعض الوقائع عن وجود تصورات نمطية متبادلة عن الآخر بين الفضاء الخليجي والفضاء المغاربي، فبٌعد-طبعا النسبي-دول المغرب العربي عن الخليج وتميز تلك المجتمعات ببعض الخصائص الثقافية واللغوية الخاصة التي تفاعلت لديها لزمن ليس بالقصير، كلها راكمت الشعور بالابتعاد والمسافة الرمزية بينهما.

ولعل ما يجلب النظر في التصورات الشعبية الخليجية هو تصنيف دول المغرب العربي كدول لا تقدر على التواصل اللغوي "العربي"، فبحكم الاستدمار الذي تعرضت له طويلا من قوى أجنبية، والعمل الذي قامت به تلك القوى من أجل اقتلاع كل مقومات الانتماء العربي-الإسلامي لشعوب تلك المنطقة تشكلت تلك الصورة وتدعمت مع الزمن.

وعلى الرغم من كل الانجازات"الضئيلة"التي حققتها تلك القوى ، فإن غالبية شعوب منطقة المغرب العربي-إن لم نقل كلها-بقت صامدة ومحافظة على مرجعياتها الثقافية والدينية.

ولكن من المنصف القول أن بعض السياسات الاستدمارية جاءت ببعض النتائج، ولعل أبرزها ما حدث في الجزائر.ذلك أن فترة 130سنة من التواجد الفرنسي على الأرض الجزائرية والمخططات التعليمية في تغيير البنية السوسيولوجية للشعب الجزائري من خلال القيام بتحويل المنطوق العربي إلى لهجة هجينة في المرحلة الأولى -من خلال إدخال بعض الكلمات الفرنسية -للانتقال إلى المرحلة الأخيرة في استبدال اللغة العربية باللغة الفرنسية، قلت هذه السياسة مكنت الفرنسيين من "توريث" بعض الكلمات الفرنسية في الكلام اليومي للجزائريين.وهو مايصعب نوعا ما التواصل مع الإخوة العرب في منطقة الخليج .

ثم إن واقع الحال يبين أن المناطق التي "تتحدث" بالفرنسية كلغة هي قليلة جدا، وتنحصر في جزء من وسط العاصمة وبعض الولايات كبجاية وتيزي وزو نظرا لمعطيات تاريخية ليس المجال هنا لذكرها.

أما في الداخل الجزائري، فإن استخدام اللغة الفرنسية يكاد لا يذكر، بل أن الملاحظ لأشكال التواصل اللغوي فيها يتأكد من أن اللغة الفرنسية تكاد تنعدم-طبعا إن استثنينا اللهجة التي تأثرت بالتاريخ الطويل من الاحتلال- وحتى أبناء تلك المناطق لا يعرفون الفرنسية لنقص في أداء النظام التربوي.

في المقابل تظهر في بعض الدول الخليجية الانجليزية كظاهرة سوسيو-ثقافية واضحة، فأسماء الأماكن والمحلات معظمها بالانجليزية، بل إن هذه اللغة أصبحت تمثل خطرا على هوية شعوب تلك الدول.فإن كانت اللغة الحية -من حيث المبدأ -مهمة جدا كأداة للمساعدة في التطور، فإنها لا يجب أن تمثل تهديدا للغة العربية التي تبقى اللغة الأصل في المنطقة والتي يجب تٌٌطور لتواكب الحداثة والفكر.

إذا المسألة برأيي هي مشكلة تراجع في قوة اللغة العربية ووهجها في الدول العربية ككل نتيجة للتراجع الحضاري للأمة العربية.والمسألة بهذا المنظور ليست مسألة تصنيفات لشعوب عربية في منطقة وأخرى إنما هي مسألة تعني كل الشعوب العربية.




ليست هناك تعليقات: